سوق عكاظ بين الفرص والتحديات
إعداد/ عبدالله السلمي
جميل أن نعيد الحياة للمعالم التاريخية ومنها الأسواق التي كانت تغشاها العرب فتبتاع وتتعارف وتنشد وتتآلف وتتعاهد وتتحالف، والأجمل أن يكون الاختيار (سوق عكاظ) لما له من شهرة ومكانة دعت الملك فيصل إلى تكليف بن بليهد والجاسر وغيرهما من الباحثين لتحديد مكان السوق الجغرافي، ثم أتم نجله (خالد الفيصل) الشاعر والأديب المهمة، فأحيا هذا السوق بعد أن كان رسما محيلا في أضابير التاريخ وأثرا مشوها عند بعضهم ظنا منهم أنه سوق جاهلي فحسب، فأضحى السوق موسما ثقافيا معرفيا يمور بالحياة لأيام، لا يهدأ حراكه خلالها ولا يتوقف نشاطه وهو يصافح عامه العاشر، وكثير منا قد يحمل بين طياته بعض من المقترحات والملاحظات التي يراها مهمة في النجاح ولنا أن نتساءل كيف يخرج عكاظ من النموذج الجنادري، ويتخطى حدود اللحظة ويصبح سوقا دائمة، ,سوقا حرا وتراثيا ومنبرا للمواهب الإبداعية ؟
جوائز عدة بعيدة عن مضمون السوق
قال سعيد عسيري لا شك أنه وبعد مرور عشرة أعوام من الخبرة على هذا الحدث الهام فقد نضجت التجربة وأصبح تظاهرة دورية يُنظر لها من فئات مختلفة من المجتمع محليا وعربيا مضيفا بقوله إن عكاظ يحتاج لفته في بعض الملاحظات التي رأى أنها دخيلة على المحتوى وتتكررت على المسرح كل عام منها التقليدي كحفل الافتتاح من حيث إدخال بعض الأعمال الفنية الأجنبية وهو أمر يعد تقليد للأخر وليس من بيئة المكان وكذلك الموسيقى المصاحبة لم تكن بإيقاع شرقي ، كذلك الإخراج الفني للحفل لم يكن موفقا في ربط الصورة مع الحدث والعكس الصحيح ، وتركيز التصوير على العنصر النسائي بطريقة بدائية وعلى رقص المراهقون بشكل لا يمثل البعد الأدبي والثقافي لسوق عكاظ ، أيضا من الملاحظات التركيز على راعي الحفل ومقدمة الحضور في الصور وهو أمر غير مستحب حيث تأخذ الصورة بعض قسمات وتعبير للمتلقي غير مناسبة في بعض الأحيان ، ظهور الفنان محمد عبده وبذلك الزي الجميل لأهالي الطائف لم يكن موفقا في ارتدائه وكان payback للصوت واضحه جدا عنصر الأطفال والجيل لم يكن له أي حضور سوى بالنغم أو الشعر أو الدراما، ورجال الجيش الأوفياء والشهداء لم يكن لهم لوحه جمالية على الأقل وبمادة تليق بجهودهم الجبارة ولدمائهم الغالية المنثورة على الحدود ، حضور الزي النسائي والاستعراض بألوان الدهانات على الوجوه ولنجمات إعلام تصدروا المكان ! في وقت كان يجب تقديم الأديبات وأساتذة الجامعات في الصفوف الأولى ومن في حكمهن ، وعن بقية فعاليات سوق عكاظ مدة السوق يفضل ألا تقل عن 21 يوما حتى يكون هنالك حضور جيد من كل المناطق وللسياحة الخليجية أيضا، ابتكار الجوائز المتعددة التي ذهبت عن مضمون السوق للشعر والأدب مثال ( جائزة رائد الأعمال ) (جائزة مبتكر عكاظ ) أرى أنها جوائز مبتكرة لا تضيف للحدث ، بعد الخدمات عن سوق عكاظ من فنادق ومرافق مساندة وينبغي إعطاء فرص مدعومة للاستثمار السياحي في تلك المنطقة وبتسهيلات استثنائية، التأكيد على تأصيل الفكر والنهج السعودي في كل منتج بما يضيف للمتلقي من أبناء وبنات الوطن وعن أهمية الحدث في ربطهم بالماضي والتطلع للمستقبل بشغف وفخر ،إيجاد مساحة للتنافس الشعري كمسابقات تمهيدية لكل بحور الشعر والأدب على مستوى الوطني ولكافة مراحل التعليم ومن ثم يكون سوق عكاظ المرحلة النهائية كل عام ، التأكيد على التمسك أكثر بالجذور من عادات وتقاليد حميدة من خلال المورث الشعبي الاصيل في المأكل والملبس والحرف ،إدراج المستقبل ضمن سوق عكاظ لن يضيف له بريق بل يبعده عن المضمون .
عكاظ يخرج محمد عبده من سباته الفني
وقال معالي أمين مجلس الوزراء عبدالرحمن السدحان إنه حضر افتتاح فعاليات سوق عكاظ في دورته العاشرة بدعوة غالية من رائد الإبداع وصانعه الأمير خالد الفيصل ـ حفظه الله ـ وأشار إلى أن فعاليات الحفل عرضت لوحات فنية وفلكلورية رائعة ، وأفلح المهرجان في إخراج الفنان محمد عبده من سباته الفني داخل المملكة فشارك بمقطع شعري طويل من التراث الفلكلوري الجميل تصاحبه الدفوف وكان مبدعاً ! لكن الأجمل في الأمر أن حفل هذا العام كان مختلفاً بامتياز وكان الحضور مذهلا ، وبوجه عام لي بعض الملاحظات البسيطة سأتطرق لها في وقت لاحق.
عكاظ في بداياته عفوية وبساطة
وقال محمد فرج العطوي عكاظ سوق تراثي تاريخي عظيم، له حضوره في الذاكرة العربية قديما وحديثا ولم ينقطع أثره ووقعه وإن غاب حضوره العملي وبين أن تسمية صحيفة عكاظ باسمه من أشد الدلالات على ذلك ، مضيفا بأنه شارك في الدورة الأولى بدعوة من القائمين عليه حيث كانت الفعاليات جميلة وعديدة لكنها اتسمت بالعفوية والبساطة وكثرة الأسماء المشاركة في فقرة واحدة ،وأشار إلى أنه وعبر عقد من الزمن تطور الأداء تطورا واضحا ، وأكد على أن حضور الأمير خالد الفيصل ومتابعته بنفسه للسوق أعطى قوة إعلامية محلية كبيرة. وأضاف أن حدثا ثقافيا كسوق عكاظ ينبغي ألا يغيب عن جميع الصحف والقنوات العربية خاصة أنه مهرجان موجه للعرب جميعا. ومع ذلك نرى تغطيات قليلة وحضور هش لهذه القنوات ، ولا أدري لماذا ينظر العرب لمنتجنا الثقافي والأدبي بنظرة دونية ؟ وقال في ملاحظة له أن الأسماء العربية الفائزة بجوائز المهرجان ليست بأفضل من مبدعينا ، فيود لو كان الاتجاه لمبدعي السعودية بشكل أكبر فهناك أسماء شعرية وروائية وفنية محلية تستحق الفوز لكنها لم تحض بعد بهذا الشرف ، وحتى يخرج المهرجان من نمط الجنادرية عليه أن يَصْب اهتمامه على الإبداع ، ويبتعد عن التراث والمقتنيات.
المحافظة على هويته الأصلية
وقال راشد الزهراني إن سوق عكاظ نافذة للعصر الجاهلي يجتمع فيه نخبة من فطاحلة الأدب والثقافة من شعراء ورواة ومحدثين وغيرهم ، مشيرا إلى أنه ينبغي أن يحافظ القائمين عليه على هويته الأصلية وإحياء تراث ذلك الزمن برؤى واسعة تثار فيه القصص وتبرز القصائد وأن يخرج عن الحداثة.
تجاهل سوق عكاظ
وذكر محمد العمري أن سوق عكاظ سوق اقتصادي ثقافي حيث كان يتوارد عليه العرب قبل موسم الحج في كل عام ، وكان للشعر دور أساسي بل ورئيس ومن خلال تواجدهم وواجه عكاظ طوال السنوات الماضية تجاهل من الجميع إلى أن قيض الله له صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل حيث كان لشخصية خالد الفيصل وقناعته به العامل الأول للنجاح وتزامن ذلك مع تشكيل لجنة إشرافيه عليا بمشاركة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان فأرض السوق كانت ملكاً للهيئة وكذلك لدى الهيئة خطه تطويريه للسوق تم اعتمادها من المنطقة ومن الرياض ،إضافة إلى عضوية وزارة التعليم ووزارة الإعلام والجهات المختصة في المنطقة ،كل ذلك يجعل من موسم سوق عكاظ الحالي فعالية ثقافية في المقام الأول وكذلك تبادل المنافع مع المنظمين واعتقد أن مستقبل سوق عكاظ سيكون مستقبلاً مشرقاً بإذن الله.
بردة جائزة عكاظ الغائبة
وبين الكاتب محمد علي قدس إن إحياء سوق عكاظ حلم راود الأدباء والشعراء منذ عام 5931ه، حيث جمع صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد ـ رحمه الله ـ أدباء المملكة والشعراء والمفكرين على مائدة الحوار في الرياض لبعث سوق عكاظ من جديد، وشاءت الأقدار أن تتوالى الأحداث ما أجَّل تنفيذ الفكرة وحال دون خروجها إلى النور، ثم جاء الأمير خالد الفيصل الذي أحيا الفكرة لثقته في أهميتها، وتحمسه للفكرة والهدف، فناضل من أجل تنفيذ السوق بالصورة التي لايزال مستمراً عليها، وبعد تسع دورات استطاع المهرجان أن يكون جزءاً من تاريخ الجوائز الأدبية العربية المميزة ، وقد أصبح السوق بمرافقه ومسارحه وجادته المشهورة من المعالم التي تشتهر بها الطائف، ويقصدها الزوار بصفتها مرافق سياحية مهمة، لذا ينبغي المحافظة عليها، وزيادة الجهود لتحديد السلبيات، والسعي إلى تصحيحها، وتحقيق نجاحات أفضل ومستوى أرقى على أمل أن يكون « سوق عكاظ» امتداداً للمهرجان الوطني للتراث والثقافة، الذي هو من أهم برامج الهيئة العامة للسياحة في المنطقة. وقال إننا نأمل بصفتنا أدباء ومثقفين نطالب وخاصة الشعراء بأن تكون هناك لجنة تحكيمية على مستوى يليق بجائزة المهرجان التي تمثل تاريخ الموروث الشعري والثقافي، فهي جائزة لها بالتأكيد قيمة معنوية وتاريخية، ويستاء الشعراء والنقاد من أن تذهب بردة «جائزة عكاظ» إلى أسماء مغمورة، أو مواهب شعرية مبتدئة بغض النظر عن قيمة إبداعهم، وألا يُشرك إلا مَنْ كان منجزه الشعري والإبداعي يليق بالجائزة حتى لا تصبح بردة سوق عكاظ غائبة. ومن ملاحظات الأدباء والشعراء على اللجنة المنظمة للمهرجان مراعاتها لتلافي كثير من السلبيات ، وعدم تلقي كثير من الأدباء والمبدعين أي دعوة لحضور المهرجان منذ انطلاقته قبل عشر سنوات رغم حرص مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكة المكرمة، رئيس اللجنة العليا للمهرجان صاحب السمو الملكي الأمير الشاعر خالد الفيصل، على دعوة أكبر عدد من أدباء وشعراء الوطن لحضور المهرجان والمشاركة في لجان جوائزه المتعددة، والمساهمة في إنجاح فعالياته، وربما تهدف اللجنة منذ ذلك إلى التخفيف من النفقات، لكن ما يدحض هذا التبرير هو دعوتها أدباء من خارج المملكة للحضور والمشاركة، وتكفلها بكل تكاليف سفرهم وإقامتهم ،وعن تنويع مجالات الجائزة بدخول الرواية لكي ينافس الروائيون الشعراءَ من خلال تقديم إبداعاتها، فإن الباب مفتوح للاحتفاء بمجالات الإبداع كافة، وتمنى أن ترتبط كل أنواع الإبداع المشاركة في جائزة عكاظ بالشعر، مثلما تم الربط بين الشعر والفن التشكيلي في «لوحة وقصيدة»، فجميل أن تدخل الرواية والسرد ضمن فروع الجائزة، ولكنني أرى أن تكون الرواية ذات علاقة بالشعر، خاصة في مجال السرد الذي يدخل ضمنه المسرح والأوبرا.