أهلاً بالخصخصة إذا كان هدفها تجويد الخدمة
إعداد/ عبدالكريم المربع
المال عصب التنمية بشكل عام وقد تمر الحكومات بمنعطفات اقتصادية صعبة تتسبب في بطء عجلة التنمية في البلاد ولدينا عدد من الأمثلة الناجحة على ذلك مثل (شركة مرافق) بالهيئة الملكية بالجبيل وينبع ، والسؤال الذي يبحث عن إجابة هنا هل تكون الخصخصة للخدمات الحكومية هي الحل ؟ وهل الشركات المحلية قادرة على حمل هذا العبء عن الحكومة ، وهل فشل شركات كبرى للقيام بمهام الخدمات البلدية في وقت سابق يعد مقياسا؟
سياسة اقتصادية
قال خالد الخيبري إن الخصخصة تعتبر سياسة اقتصادية تنتهجها بعض الدول بهدف زيادة النمو الاقتصادي بوجه عام من خلال إعادة هيكلة اقتصاد الدولة وتمكين القطاع الخاص وتشجيعه من اتخاذ دور أساسي ومؤثر في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، الذي يتميز عن القطاع الحكومي بالمرونة وتجاوز البيروقراطية في اتخاذ القرارات ، ولكن يسبق الخصخصة اجراءات طويلة تستلزم تغيير في الأنظمة والأطر القانونية بقصد تحسين بيئة الأعمال مما يمكن القطاع الخاص من العمل بعيدا عن القيود ، وتلجأ بعض الحكومات عند خصخصة قطاعاتها الخدمية إلى عدة أساليب منها نقل الملكية وبيع الأصول المملوكة لها أو بيع جزء منها بطرحها كأسهم، أو إسناد مشاريعها إلى القطاع الخاص بحيث يتولى البناء وإعادة الملكية ومن ثم التشغيل من قبله على المدى الطويل ، أو البناء والتشغيل وإعادة الملكية للدولة بعد انقضاء المدة المتفق عليها ، وأضاف أن هناك أوجه عدة في انتهاج أساليب الخصخصة مثل الامتياز والتأجير ، ومشاركة الحكومة القطاع الخاص في الدخل بما يعزز من خزينتها دون أن تتكلف بأي مصروفات وتظل هي جهة رقابية ، وذكر أن إيجابيات الخصخصة التخفيف من الأعباء المالية على خزينة الدولة، وخلق فرص استثمارية جديدة ، واتاحة الفرصة للخبرات والشركات الأجنبية ، الدخول إلى السوق المحلي وتعزيز الأداء الخدمي بخدمات راقية ترضي العميل، توسيع قاعدة الملكية ما بين المواطنين، ونمو الناتج المحلي جراء الخصخصة والاستثمار الأجنبي، زيادة الكفاءة الانتاجية. وذكر أيضا أن من سلبياتها المشكلات الاجتماعية التي تنتج من تسريح الموظفين غير الأكفاء من قبل القطاع الخاص، وإعطاء الحق للقطاع الخاص بتسريح العمالة الفائضة عن حاجتها، وامكانية فصل الموظف اعتمادا على المادة (77) من نظام العمل السعودي للمصلحة العامة ، وبين أن سعودة القرار إذا كانت بيد الأجنبي ستخالف الشركات المحلية من وجهة نظره وتصبح غير مستوعبة لمفهوم الخصخصة باستثناء الشركات الكبرى المعروفة في السوق وهي أيضا تستعين بالخبرات الأجنبية لكي تنجح في مشاريع الخصخصة وتحمل العبء عن ميزانية الدولة، كما أن فرص النجاح موجودة أيضا فرص الفشل موجودة مالم يدرس الموضوع بعناية ويسن له الأطر القانونية الواضحة ،لأن كثير من شركات القطاع الخاص لا تقدم على أي مشروع ضخم مالم تكن هناك بيئة ومناخ آمن قانونيا واستثماريا ، وختم حديثه بقوله الخصخصة إذا تم تطبيقها وفق رؤى مستقبلية واتضحت أهدافها ففيها الفائدة الجيدة لمستقبل الأجيال القادمة ، والتي يجب أن نعتني بتعليمها لتواكب هذا التوجه المستقبلي والاهتمام بمخرجات التعليم لدينا وهو ما تحتاجه شركات القطاع الخاص من كفاءات تجد مكانها ووظيفتها في القطاع الخاص ، وأما غير المؤهلين فيعتقد أنه لا مكان لهم في تسيير دفة العمل في شركات القطاع الخاص الكبرى.
التعرف على خبرات وتجارب الآخرين
وأشار سعيد عسيري إلى أن هنالك خلل ما في أجندة تنفيذ مرحلة 0202 و رؤية 0302 ولتجاوز ذلك فإنه يتطلب عدم إشغال الرأي العام من خلال طرح التعليمات والقرارات مباشرة دون إيجاد مسارات توعية تثقيفية على مستوى الأفراد والمؤسسات حتى يتفاعل المواطن مع أي طرح جديد لأن ثقافة صانع القرار ليست لفئة محددة بل لأطياف مختلفة من الثقافات ، مضيفا بأن الخصخصة هو ديدن الدول المنظمة وأمر لابدا منه عاجلا أو آجلا ، لكن يتطلب أخذه على مراحل فمثلا نبدأ بالصحة للسنة الأولى ومن ثم البلديات الخ ، وقال إن لدينا حساسية في التعرف على تجارب الدول المتقدمة أو الاستعانة بخبرات وقدرات تساعد على تبصير الإدارات العليا بالوزارات.
خطى التنمية المستدامة
وأَضاف عبدالكريم المربع إن الشروع في خصخصة بعض خدمات القطاعات الحكومية أولى خطى التنمية المستدامة وحفظ الموارد الحكومية وبناء الشراكات التنموية والمجتمعية مع القطاع الخاص ، لا سيما والقطاع الخاص يتقدم على القطاع الحكومي بمراحل وخاصة في جوانب التقنية والاستثمار والتعامل مع الجمهور ، إضافة لذلك الطبيعة الربحية للشركات تفرض عليها تطوير امكاناتها ومهارات العاملين فيها بعيد عن المحسوبية التي أرهقه القطاعات الحكومية عبر السنين ، ويرى فتح مجال المنافسة للشركات الأجنبية المتماشي مع رؤية 0302 .
تجويد الخدمة وقال ساعد الثبيتي إن الخصخصة أمر مطلوب إذا كان الهدف منها تجويد الخدمة ، وأما إذا كان الهدف ترشيد الانفاق وتحمل المواطن النفقات فلها ثمن باهض، مشيرا إلى أن هناك أمثلة في الخصخصة الأول خصخصة خدمات الاتصالات حيث لا زلنا نعاني من سوء الخدمة واستنزاف المال ( سدد أول ثم اعترض) والثاني خصخصة شركة المياه وكيف تم رفع الرسوم بشكل مبالغ لا يقوى عليه المواطن؟ وأخيرا قطاع التأمين كيف أصبحت الرسوم في ارتفاع والخدمة سيئة ؟ ومن له حق في شركات التأمين فلن يأخذه بسهولة.
تذليل العقبات
قال محمد العمري إن الخصخصة ناحية إيجابية ولكي تنجح لابد أن تكون على الادارات والمراكز ذات الخدمة الربحية بما تسمى ( مراكز الربحية ) وبالتالي يشارك القطاع الخاص في تعزيز الأرباح المتحققة وتطوير الخدمات بما يزيد من أرباحها . وذكر إنه يفترض أن يكون دور الوزارات هذه هو تذليل العقبات على المستثمرين فإما أن نضع التعليم في مجال التخصيص بالكامل وليس تأجير مبنى مدرسه ! أو أن نطور الوضع الحالي لكي نشجع المستثمر ونقنعه بالاستثمار والمرحلة الحالية تتطلب فتح مجالات مربحه للقطاع الخاص لكي يشعر القطاع الخاص بأمان رأس المال ونحد من الهروب الكبير لدبي وتركيا والنمسا مضيفا بأنه بدل أن تقوم الوزارات بسد النقص من الخلل لديها في الخدمات بدأت بفرض رسوم على الخدمات التي تقدمها حالياً وخير مثال لذلك البلديات فلديهم نقص في خدمات البنية التحتية والنظافة التي تتم بطرق تقليديه مشيرا إلى أن الوزارات بدأت في بيع أصولها فالتعليم سيبيع مدارسه والبلديات ستبيع مرافقها والصحة ستحمل المواطن مالا يطيقه ومن هنا ينشأ السؤال هل هذا هو التطبيق لرؤية ٢٠٣٠م فالخوف ليس من الرؤية ولكن من الوزارات وفكرها عند تطبيق تلك الرؤية .
المواطن ضحية القطاع الخاص
قال عبدالله الغامدي قضية الخصخصة تحتاج لفترة زمنية طويله لتطبيقها فلابد من الاستفادة من تجارب الدول التي سبقتنا في ذلك وبين أن تحميل المواطن لكافة الاعباء ساهم في تغطية لفشل الكثير من الوزارات والهيئات في تنفيذ أدوارها ومهامها الأساسية وأضاف نحن نحتاج لإعادة هيكلة الوزارات وتعريف كل وزاره بدورها في ظل الخصخصة ، وقال إننا نعلم جميعا إن البيروقراطية هي المسيطرة على الوزارات الحكومية فلابد من تغيير تلك النظرة لأن المواطن عندما يدفع يحتاج أن يحصل على خدمة كاملة بعيده عن المواعيد والمماطلة وأضاف إن الوزارات ستسابق الزمن في بيع أصولها للحصول على عائد مادي فمن سيتحمل ذلك؟ إنه المواطن الذي سيكون ضحية للقطاع الخاص الذي سيبحث عن الربح فقط .