تدوير الموظفين لم يستقر معناه وممارسته في أذهان المعنيين .. فلم العجلة!؟
إعداد/ سعيد عسيري
نظام تدوير الموظفين بين الجهات الحكومية الذي طرحته وزارة الخدمة المدنية مؤخرا يعد نظاما جيدا يساند التجديد والتطوير في المرافق المختلفة بل ويساعد على إزالة شبهة الفساد الإداري من قائمه إي جهة طالما طبق ذلك النظام بشكل جدي ولقد حدد النظام قصر أسماء الموظفين وإدراجهم للتدوير بموافقة مشروطة من قبل مدير الموارد البشرية ومدير شئون الموظفين ولكن لابد أن نتساءل عن آلية ومعايير التدوير وهل يتم نقل الموظف الذي يطلب التدوير ولماذا يتم تأخير نقله وتدويره إذا توفر البديل المناسب أو كانت بيئة عمله طارده أو تحتاج للتجديد ؟وهل التدوير يشمل كل موظفين الدولة بما فيهم موظفي المرتبة الممتازة وهل يكون التدوير داخل وزارة واحدة أو تقدير الكفاءات ووضعها في مكانها الصحيح إذا كان التدوير يتناسب مع خبراته وقياس الأداء المصاحب لكفاءته
عجز الجهات الحكومية
قال محمد العمري عندما تعجز جهة حكومية عن أداء مهامها ومحاسبة مسؤوليها وتقصيرهم تلجأ لبرامج أخرى أو إنشاء جهات أخرى لتأدية تلك المهمة وبين أن ديوان الخدمة المدنية بدل أن يحاسب المقصرين ( ويدرأ شبهة الفساد) يبتكر مقترحات أخرى ترسل المفسد هذا إلى جهة أخرى وأشار إلى أنه يستغرب عدم التدوير داخل نفس الوزارة والهيئة ، وبين أننا نجد أن التدوير الوظيفي في نفس الوزارات يواجه مشكلة حقيقية للموظفين التنفيذيين مضيفا بأن شروط التدوير الوظيفي توافق سلم الرواتب والمميزات الاضافية لكل جهة .
نقل خدمات الموظفين
وتمنت مني المالكي أن يتم استبدال مسمى “تدوير الموظفين” إلى “نقل خدمات الموظفين” وبينت أنه ليس هناك إيجابيات تعود على الوزارات من هذا الإجراء وتساءلت عن كيف يكون نقل موظف من مكانه مساعدة على إزالة شبهة الفساد الإداري ، وأضافت إن التدريب ثم تطوير مهارات الموظف هو الحل لمعالجة “ البطالة المقنعة” وبعدها تأتي رخصة مزاولة المهنة والتي تعتبر الفيصل في شحذ همة الموظف الحكومي لتحسين أداءه .
تجارب جيدة وقالت الدكتورة منيرة العكاس إن نقل الخبرات بين الموظفين أفضل من كلمة تدوير، فعملية تبادل الخبرات بين الوزارات هي الأفضل ، وذكرت أن هناك تجارب جيدة في هذا المجال ومنها “تجربة ارامكو ، والبنوك “ في التدريب فهي أنموذج لشبابنا المتألق فيدرب الشباب تدريبا يستغل فيه كل طاقاته بدلالة المتقاعدين من أرامكو والبنوك تتخطفهم الشركات. الحد من البطالة المقنعة
وأشارت الدكتورة نوره أبا الخيل إلى أن التدوير الوظيفي داخل المنظمة ليس علاجا للفساد لأن الفساد الإداري والمالي يعالج بطرق أخرى، إنما التدوير الوظيفي له أهمية وفوائد إدارية متعددة منها( اكتساب مهارات إدارية جديدة داخل المنظمة ومعالجة تكدس وتقلص العمل في جهات معينة في بعض المواسم بحيث ينجز العمل في الوقت المحدد بدون تكلفة مادية على المنظمة أو المؤسسة، وأضافت أنه لابد من القضاء أو الحد من” البطالة المقنعة” التي تعنى تكدس الموظفين بدون إنتاجية مضيفة بأن التدوير يساعد على رفع الروح المعنوية للموظف حيث يظهر مدى تمسك جهة العمل فيه ويكسبه الأمان الوظيفي وهذا مطبق في الادارة اليابانية وهو من أسس نجاح الادارة اليابانية حيث يعمل الجميع ويسد حاجة أي قسم من الأقسام مما يزيد الانتماء للمنظمة.
التريث لفهم معناه ومسوغاته
وقال معالي أمين مجلس الوزراء عبدالرحمن السدحان إن مسمى ( ديوان الخدمة المدنية) بات في ذمة التاريخ منذ عهد ليس بالقصير وحل محله ( وزارة الخدمة المدنية ) وهو أكثر التصاقاً بمهام الوزارة والحديث هنا قد يطول . وذكر أنه لا يرى حكمة ولا نفعاً من طرح هذا الموضوع كقضية عامة في الوقت الذي لم يتضح بعد معناه وغايته لدى السواد الأعظم من موظفي الدولة وذكر أنه لابد من التريث وقتاً حتى يستقر معناه وممارسته في أذهان المعنيين به بادئ ذي بدء ، ثم ليكن بعد ذلك ما يكون ! أما النقاش في طرح الموضوع على مائدة التشريح نقداً وتساؤلاً واستنتاجاً فأمر سابق لأوانه في تقديري المتواضع !
وعن اختلاف كادر الخدمة المدنية من جهة الى أخرى قال إنه أمر ليس دقيقاً على إطلاقه وتفصيله ليس هذا مكانه، لكن الحقيقة هي أن كادر رواتب موظفي الدولة واحد بوجه عام عدا بعض الاستثناءات لأسباب ومسوغات موضوعية كسلم رواتب المعلمين والأطباء والقضاة ونحو ذلك فهذه الشرائح الوظيفية وما يمكن أن يقاس عليها خصت من قبل ولاة الأمر ليس تمييزاً للأشخاص المعنيين بها ولكن للتخصصات التي يمارسونها وفق قواعدها الفنية والعلمية والسلوكية، كما أنها خضعت قبل إقرارها لدراسات معمقة ومتخصصة وعبرت مراحل مختلفة حتى بلغت مرحلة القرار فالتنفيذ .
تنازل عن الترقية وظلم
وأشار راشد الزهراني إلى أن قضية تدوير الموظفين أو تبادل المنفعة أو تناقل الخبرات مهمة مصطلحات طبيعية وصحية وقد كان معمول بها في السابق ولكن تحت طائلة المحسوبية وقوة الواسطة ولم تكن للمنفعة العامة بقدر ماهي للمنفعة الخاصة ، وأضاف إن المسألة أصبحت شبه مكشوفة وانتشرت بين فئات المجتمع لتأخذ على عاتق المسؤولين جدية الأمر فوصلت مجلس الشورى وحظيت بتأييده والموافقة عليه وحتى الان لم يتم تنفيذه حسب ما قرره مجلس الوزراء الموقر، وذكر أن التدوير عملية صحية لرفع الروح المعنوية عند كثير من الموظفين المتذمرين من روتين العمل أو حتى من الموهوبين المنسيين في إدارات طاردة للتطوير ، مما جعل الكثير من مثل هولاء يبحث عن ما يشغل موهبته إلى أن يترك وظيفته ، لأنه يرى إن عمله في هذه الادارة روتين قاتل يسبب التقاعس الوظيفي أو الجمود الوظيفي، وأيضا هناك من الموظفين من يمكثون سنوات طويلة في مرتبة دون ترقية أو نقل لمكان أفضل وعليه يفترض أن تكون هناك مرونة للنظام بحيث يحق للموظف النقل دون وساطة أو عقبة تقف في طريقه وبين أنه للأسف نجد أنه ضمن نظام الترقيات يقع ظلم كبير وحتى الان لايزال ذلك الظلم واقع على الموظف الذي يترقى ولا يجد له شاغر في منطقته فإما أن يتنازل عن الترقية أو النقل إلى منطقة الترقية ويمكن أن تشفع له الواسطة وينال الرضى الوظيفي بينما غيره يحرَم عليه النظام ذلك وقد نتج عن هذا ما يسمى بالفساد المالي والإداري وتدني الروح المعنوية وضعف الإدارة وانعدام التطوير.