تأويل مالم يكتب
اكتبْ كما لم تستطع من قبْلُ، لا تتركْ حديثاً عابرَ الكلماتِ، دعْ بين الحروفِ فوارقَ المعنى، و عزّزْ من حضورِكَ في الكتابة. *** قالت: تركتُك تستبينُ علامةَ التنصيصِ، أين مكانُها في المعجمِ الحرفيِّ؟ لا تستخدم التأويلَ دون تقصُّدِ النجوى، وخلِّ الساعةَ الأولى لمن يهوى افتعالَ القولِ، رتّبْ ما تراه مناسبا في صفحةِ الأسماءِ، أيُّ كتابةٍ لا تحملُ السلوى فليس لرَسْمِها الوقع المؤثر في الخريطةْ. *** قالت: يُعِيبُك أنَّ صوتَ الحبِّ مخفيٌّ عن الأضواءِ، لم تعمدْ على إشهارهِ، وكأنّما تستنكفُ الإفصاحَ عن مكنونِ نفسكِ، لا تبالي أينما وجّهتَ بوصلةَ الحديثِ، لعلَّ بعضَ الفعلِ يختصرُ المسافةَ عنوةً، قالت: تنبّه حينما تكتب، فثمَّ الحزنُ يسكنُ فيك، لا تعبرْ إلى أقصى القصيدة. *** اكتبْ كما لم تستطعْ من قبلُ، لا ترتدَّ عن دورِ المنافحِ عن قضيتهِ، فهذا الآن دورُكَ كي تُعيدَ كتابةَ الأشياءِ وفقَ المنطقِ الشعريِّ،
لا تكتبْ خيانةَ وردةٍ في الظلِّ،
دعْها هاهنا حتى تمارسَ طقسَها في منحِ قُبْلتها،
ولا تكتبْ مواربةَ الفراشةِ في علاقتِها مع الألوانِ،واكتبْ عن طفولتِكَ الحميمة.
***
قالتْ بلهجةِ موغلٍ في الحزن:لا تنسْ التفاصيلَ الصغيرةَ في الحوارِ،
فكلُّ وجهٍ مرَّ في عينيكَ لن تنساه إلا برهةً،فاكتبْ شبيهَكَ في الغوايةِ،
سيرةَ الشعراءِ في سجنٍ خفيٍّ،
عن روائيين في المنفى،
عن التغريبِ من مفهومهِ اللغويّ،
رحلةِ بائعٍ لم يكترثْ بالبردِ،
عن أنثى تساورُ وقتَها المحمومَ،عن سرِّ تماهى في الحكاية.
***