تأخر الرواتب .. أزمة خلقها المسئولون
إعداد/ الدكتور توفيق السويلم
أزمة خلقها بعض المسؤولين سوآءا أكان ذلك في القطاع الحكومي أم القطاع الخاص وتمثلت في الحقوق المالية ، حيث أثير في الإعلام مؤخرا أزمة تأخر رواتب العمالة الكادحة وعلى الرغم من الأنظمة الموضوعة لحماية الحقوق العمالية إلا أن المؤسسات والشركات لم تتقيد بها ، ولكن يبقى لنا تساؤل عن دور المحاكم العمالية وموقفها من الظلم الذي يقع على هذه الفئة ، فكيف يمكن معالجة هذه الازمة والقضية التي تحتاج إلى مكاشفة واعتراف وحل وخاصة أن لها من الآثار على المستوى المحلي والدولي منها ما ذكرته القناة الروسية بأن الهند قامت بحملة إنسانية لمساعدة رعاياها في السعودية الذين تضرروا من الجوع بسبب عدم استلام رواتبهم.
الضحية هو العامل
يقول عبدالله الغامدي هذه المشكلة أصبحت حديث الساحة وزاد الأمر سوءا حينما ربطت الشركات المشغلة للعمالة رواتب عمالتها بما تحصل عليه من دفعات ماليه عما تم تنفيذه من أعمال بينما نجد تأخير سداد هذه الدفعات في الوزارات إما لعدم وجود بنود مالية أو لوجود مخالفات على التنفيذ والضحية هو العامل وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي تنقل هذه الصورة السيئة عن تعامل بلادنا مع العامل الأجنبي وأشار إلى أنه إذا تم صرف مستحقات الشركات في موعدها مع الزام الشركات بتقديم مسيرات يتم خصمها مباشرة من دفعات الشركات وتحويلها لحسابات العمال عن طريق وزارة العمل التي لابد أن يكون لها دور كبير في الحفاظ على حقوق العامل عبر تطبيق العقوبات المغلظة على المخالفين.
محاسبة أصحاب الشركات
وقال فهد الاسمري إنه يعتقد أن أي شركة من الشركات الكبرى عندما تُؤسس يكون لها رأس مال كبير، وإن قيامها ودخولها في مناقصات لمشاريع حكومية وجلبها للعمالة لتغطية هذا المشروع لا يجعلها تفي مع العمال بمنح رواتبهم في وقتها لأن هذه الشركات لا تستلم مخصصاتها المالية المرصودة للمشروع من وزارة المالية إلا على دفعات متتاليه، وأضاف أنه ينبغي أن تتم محاسبة أصحاب الشركات وحرمانهم من العديد من المزايا وعدم تسليمهم أي مشاريع مستقبلية. مالم يكونوا على كفاءة لإدارة مثل هذه الازمات.
أزمة مفتعلة
وذكر ساعد الثبيتي أن الشركات التي أثيرت فيها أزمة العمالة شركات كبيرة ولها ميزانيات تعادل ميزانيات بعض الدول، واعتقد أن أزمة الرواتب أزمة مفتعلة من قبل تلك الشركات للضغط على الدولة لكي تنعم بنفس العقود والامتيازات السابقة. هذه الشركات لم تستوعب الوضع الاقتصادي الحالي، ولم تتهيأ له وبالتالي وسيلة الضغط لديها هم العمالة وافتعال ازمة الرواتب الخلل في وزارة المالية وبين محمد العمري أنه لا يستغرب مثل هذه التصرفات من ملاك ومدراء تلك الشركات وهذا أمر طبيعي جداً فالقضايا العمالية ليست في المملكة وحدها وإنما في العالم بأسره ، وللحق نقول أن شركتي بن لادن وسعودي أوجيه كانت من أكثر الشركات التزاماً بتسديد رواتب وأجور العمالة قبل قرار الايقاف .
وأشار إلى أن الخلل هو في وزارة المالية فكان من المفروض بعد صدور قرار القيادة أن يتم استشراف مثل هذه النتائج وكان من الواجب “ان يتم بعد نشر الهند وقناة روسيا والعالم هذه المشكلة المسارعة لتفادي هذه الأزمة ، وقال إن الحلول من الجهات الحكومية لم تأت إلا بعد أن أعلنت الهند في وسائل الإعلام وقناة روسيا ووكالات الأنباء العالمية للحدث وكلنا شاهد أن مندوب سعودي واحد استطاع أن يجد الحلول للعمالة وأعطاهم الخيارات وسمعنا وشاهدنا ردة فعل العمالة الايجابية ، وذكر أن الخلل ليس في الشركات وإدارتها فهي تدير تلك الشركات بمفهومها هي وليس بمفهوم الجهات الحكومية ولكن الخلل في من تم استئمانه على ملف تلك الشركات في الوزارات المختصة، وبين أن ما حدث للشركتين يعتبر بمفهوم الإدارة حالة طارئة بل وكارثية للشركة نفسها والمعروف عند حدوث حالة طارئة أو ما شابه فإن اللجان المختصة الحكومية تحديداً تجتمع وتتوقع النتائج وما يترتب على ذلك. حل القضايا العمالية
قال طلال الجدعاني إن المشكلة ليست في الأنظمة التي وضعت لحفظ حقوق العمال في القطاع الخاص سواء كانوا سعوديين أو متعاقدين ولكن في عملية التنفيذ والالزام وسرعة البت، وأشار إلى عدد القضايا العمالية الكثيرة لدى هيئة تسوية الخلافات العمالية وهذه الهيئة ستنتقل قريبا من العمل الى المحاكم وستبقى المشكلة طالما أن هناك تأجيل وتأخير.
وبين أن سرعة البت في هذه القضايا والزام الخاص بدفع ما عليه من مستحقات لعماله سيحل كثير من القضايا وستخفف الضغط على هذه الهيئات وستردع المماطلين مستقبلا إذا ما وجدوا أن النظام صارم في تنفيذه وعقوبته. ولا ننسى أن المماطلة في سرعة تنفيذ هذه القضايا ومحاسبة المقصرين سوف تؤدي إلى عواقب قد تصل إلى حد العبث بممتلكات البلد والسرقات والجرائم الأخرى كما حدث مع عمال شركة سعودي أوجيه، وقال إن وزارة المالية تتحمل جزء من المسؤولية بعدم صرف مستحقات هذه الشركات والتي تخص مشاريع للدولة، مضيفا بأنه ينبغي المسارعة في حل القضايا العمالية ، والزام القطاع الخاص بسرعة تسليم ما عليه من مستحقات لعماله أولا بأول ، تفعيل الجزاءات على المخالفين والصرامة في تنفيذها ، والزام المالية بتسليم مستحقات المقاولين مباشرة ، وإنهاء أوضاع العمالة بعد استلام مستحقاتها والمغادرة لبلادها.
قوانين حماية
وقال راشد الزهراني عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه” وما نلاحظه اليوم من ظلم وافتراء يعتبره جريمة قانونية ينبغي أن نأخذها في الاعتبار، وبين أن وزارة العمل لم تقصر حينما وضعت قوانين الحماية ولكن أوكلت العمل لأشخاص ليسوا بكفء وأضاف تعددت المخالفات القانونية التي أثرت في صرف المستحقات وحرمت العمال حقوقهم والسبب صاحب العمل ومسؤول المناقصة وهنا لابد من محاسبتهم والقضاء عليهم وذكر أن آلية النشر في الصحف أمر صحي متى اكتملت شروطه لمثل هذه القضايا لأنها تفتح باب المتابعة والرد والتشهير بمن يستحق.
توحيد نماذج العقود
وقال سعيد عسيري هذه قضية متكررة وظاهرة دولية لا تقتصر على الدول النامية فحسب وتظهر عند حدوث أزمة بسبب تأخير مستحقات أو الغاء مناقصات أو تأخير مستخلصات أو رفع أجور ، فوزارة العمل جهة منظمة للعلاقة وقد وضعت الأنظمة المناسبة لضمان حقوق الطرفين ،وأشار إلى أنه في حالة الخلاف فإن المحاكم العمالية يقع عليها العبء الأكبر رغم أنها أحد مسببات تفاقم وتراكم المشاكل كونها لا تبت في القضايا فورا ، وذكر أنه لتلافي هذه المشاكل العمالية ماليا فإن على وزارة العمل توحيد نماذج العقود وربط مسيرات رواتب العمل وتحويلات البنوك للموظف آليا وفق قيمة عقده المتفق عليه من بلده فقط! مع زيادة هامشية لا تتجاوز الضعف مضيفا بأنه سوف ينتج عن هذا الاجراء قتل التستر التجاري في مكانه وانخفاض العمالة المخالفة ونقضي على المشاكل العمالية والأمنية والتحويلات المالية المضرة باقتصادنا .
وعن المعالجة الإعلامية للحالات المصاحبة لقضايا العمال لابد أن يقوم المتحدث الرسمي أو إدارة العلاقات العامة بوزارة العمل بالتواصل مباشرة مع الجهة التي قامت ببث الخبر ويظهر القصور عبر تلك الوسيلة بإيضاح الحقائق بكل شفافية وقال من المهم ايجاد إدارة توثيق مرئية وآلية عبر مواقعها الرسمية لما تقوم به من جهود وحلول وقضايا تم حلها باحتراف دون تشهير بالمنشآت إضافة إلى بث مواد توعية مصاحبة دون إغفال الجانب الإنساني لحقوق وواجبات الطرفين وعدم التفرقة ما بين المواطن والوافد بنفس الحقوق والوجبات والالتزامات و بث مواد توعوية مسبقة للعامل بلغة بلده قبل ابرام عقد عمل تبين واجباته والتزاماته تجاه الوظيفة والعكس الصحيح ، وبث مواد توعية للمنشآت بأهمية المحافظة على هذه الثروة من العاملين لديهم فهم وقود العمل مع اشراكهم في صناعة الحقوق العمالية وخلق الضمان الوظيفي ، وختم حديثه بقوله إن زارة المالية لا بد أن تتحرك عاجلا مع أي ازمة حينما يتعلق الأمر بحقوق الزامية على المقاول والسرعة في صرف المستحقات من قبلها مباشرة في حالة تعثر المقاول أيا كان اسمه او منصبه ، وذكر أنه من المهم توظيف التقنية بأعلى درجاتها لكي لا يكون الممثل المالي أو موظف كسول حجر عثرة في تعطيل مشروع مجتمع بآسره، وختم حديثه بقوله إنه ينبغي على الدولة اعادة النظر في ترسيه المشاريع ليس على شركة أو مؤسسة واحدة فقط مهما كان تصنيفها.
العامل ليس مجرد آلة
وقال فيصل المران للأسف أن بعضا من المؤسسات والشركات تعتقد أن العامل مجرد آلة ولا تنظر للجانب النفسي والمعنوي له وكثيرا ما تجد عمالة محبطة ينعكس إحباطها على أداء الخدمة المقدمة، وعندما تأخر صرف الرواتب لهم يزيد من ذلك الإحباط ،والمشكلة تعود إلى عدم قدرة بعض هذه الشركات لدفع الرواتب نظرا لضعف رأس مالها وانتظار صرف المستحقات المالية لها خصوصا أن أغلب المشاريع والعقود يتم الدفع لها بالأجل وقد يتأخر أيضا الصرف مع هذا التأجيل وتدفع العمالة الثمن ، وأشار إلى أنه من المفترض أن يتم التحقق من رأس مال هذه المؤسسات أو الشركات لتجنب الوقوع في المشكلة لما لها من أضرار نفسية واجتماعية وأيضا من الناحية الشرعية والإنسانية ،وما يتبعه من أضرار لأسر هذه العمالة