اختبارات القدرات العامة تحطم آمال الخريجين ودور الوزارات الأخرى مغيب تماما في هذا القياس
إعداد: فهد الاسمري
ناقشت مجموعة "نخبة الثقافة والاعلام " اختبار قياس قدرات طلاب وطالبات الثانوية العامة "القدرات العامة" والتي يجريه مركز القياس والتقويم ، وعلى الرغم من مرور سنوات على تفعيل هذا الاختبار البعيد عن مضمون ما تعلمه الطالب في المرحلة الثانوية وتساءل أعضاء النخبة عن الفائدة المرجوة من هذا النوع من الاختبارات ، وعن دور وزارة التعليم ، ووزارة العمل ، وديوان الخدمة المدنية ، والجامعات ، والكليات العسكرية وغيرها للمشاركة في هذه الاختبارات وكيف يمكن أن نلغيها ونكتفي بالاختبارات التحصيلية التي تقيس مفردات المنهج ، ونضع نسبتها في المعقول والمضمون خاصة وأن نسبة ( 50% ) من إجمالي نسبة المجموع العام في معدل الدرجات الموزونة لدخول الجامعات والابتعاث والحصول على وظيفة جيده تعتبر نسبة كبيرة جداً لضياع حلم الطلاب الخريجين.
استنساخ غير مدروس
قال الصحفي عبدالكريم المربع إن هذه الاختبارات تأتي نتيجة الاستنساخ غير المدروس لطرق الاختبارات في مسار التعليم بالمملكة ، وأيضا لا أغفل جانب بُعدها عن مضمون المناهج الدراسية فالطالب السعودي ليس ذلك الطالب النموذجي الذي يمكن أن يتجاوز الاختبار بسهولة أو ملم بنصف المعارف فيه، ومشروع تطوير المدارس الذي أطلقه المغفور له بإذن الله الملك عبدالله بن عبدالعزيز يسعى إلى إنشاء ما يسمى بالتطوير الذاتي في المدرسة لثلاث جوانب الأول السلوك والثاني التحصيل العلمي والثالث الصحة واللياقة ، ويستهدف أربع مجالات القيادة ، والإدارة ، والتعليم والتعلم ، والبيئة المدرسية والشراكة المجتمعية وعلى هذا الأساس تضع المدرسة خطتها لعام كامل تنفذ فيه برامج حسب الإحصائيات تستهدف فيها مواطن القصور وهذه المخرجات التعليمية سوف تكون جاهزة لهذا الاختبار ولكن ليس الآن .
معيار يؤخذ بعين الاعتبار
وقال الاعلامي الدكتور عبدالعزيز العويس لقد كنا في وقت مضى نعاني من عدم تكافؤ الفرص في مقاعد الجامعات نظراً لتسريب أسئلة الوزارة أحياناً وذهاب بعض الطلاب للمدارس الأهلية أو بعض المدارس الحكومية التي تتساهل في منح الطلاب الدرجات باعتبار دراستهم في الصف الثالث الثانوي، وبين أن ذلك يرفع نسب القبول في كثير من التخصصات إلى أرقام فلكية، بل إن القبول الفورية حرمت الكثير من الدراسة في التخصصات التي تلائم مستواهم العلمي، حتى أصبحنا نسمع عن توقف القبول في مقاعد كليات الطب للطلاب الحاصلين على نسبة (٩٨٪ ) في المرحلة الثانوية نظراً لامتلائها بالحاصلين على النسبة(٩٨.٥٪ حتى ١٠٠٪) وكانت الجامعات السعودية حينها تعاني من تسرب الطلاب الكبير بعد السنة الأولى وذلك لعدم ملائمتهم لمقاعدها لأن القبول تم في تخصصات أعلى من مستوياتهم الحقيقية ، وحرمان بعض الطلاب الذين تجاوزت نسبهم ( ٨٥٪ ) من كثير من التخصصات المتميزة رغم استحقاق بعضهم لها بسبب عدم توفر المقاعد، وذكر إن الفكرة بدأت عندما اتجهت الكليات الصحية لفرض اختبار موحد لطلاب الثانوية الحاصلين على معدل( ٩٠٪ إلى ١٠٠٪ ) يكون هو المقياس العادل في توزيع الطلاب على التخصصات الطبية، وانقلبت الموازين فدخل كثير من الطلاب الحاصلين على نسبة تتراوح بين (٩٠٪ و ٩٥٪ ) كليات الطب، في حين أن الطلاب الحاصلين على نسبة أكثر من (٩٥٪ ) توزعوا على جميع الكليات الصحية نظراً لتفاوت درجاتهم في الامتحان مشيرا إلى أن اختبار قياس يعتمد على البعدين اللفظي والكمي لقياس سرعة البديهة وليس كما يصوره الناس ويتضجرون منه، بل إن أي طالب يقوم بالتدرب على الاختبار من خلال موقع القياس ويستعد له بشكل جيد سيتجاوز حاجز الثمانين في درجة القياس بكل سهولة، لكن الذي يمنع الكثيرين ربما الكسل أو عدم الجدية في التعامل، ويرى أنه معيار يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار عند القبول الجامعي واعتباره امتحاناً إلزاميا لخريجي الجامعات والدبلومات أيضاً.
التعريف بالمجالات المهنية
قالت الكاتبة أ. مني المالكي إن اختبار القدرات اختبار يوجه التوجيه المناسب لمن يحق له الالتحاق بالتعليم الجامعي ، وليس كل خريجي التعليم العام يناسبهم التعليم العالي ، فهناك الكليات المهنية المناسبة ، والعمل في المصانع وغيرها ، مشيرة إلى أن كل ما نحتاج له قبل الاستعداد لاختبار القدرات القيام بعمل برامج لتعريف طلاب وطالبات الثانوية العامة عن مجالات مناسبة غير الجامعة تتوافق وقدراتهم وتكون الجامعة ضمن اختيارات وليس الاختيار الوحيد ، وتساءلت هل بيئتنا التعليمية مهيأة لمثل ذلك الاختبار ؟وهل المعلمون والمعلمات يدركون أهمية مثل هذه الاختبارات ؟ وذكرت أن هناك قيم وأعراف لابد أن يستوعبها المجتمع تتمثل في العمل والعمل الجاد فقط .
ميزان العدل والتمحيص
وبين الشاعر محمد فرج العطوي إن هذه الاختبارات سواء التحصيلي أو القدرات مهمة جدا للطالب لأنها تساعده على اختيار طريقه وتكون له مؤشرا على ما يناسبه من تخصصات مهنية أو دراسة جامعية من عدمها، وكثير من الطلاب يتجاوز الثانوية بنجاح لكنه يخفق في أول فصل دراسي جامعي ، وبعض المدارس الأهلية تمنح درجات وهمية وتعطي تقديرات مبالغ فيها وتخدع حتى الطلاب أنفسهم فيندفعون إلى الكليات الطبية أو الهندسية ثم يواجهون بالمناهج الحقيقية والاعتماد على النفس فيفشلون. ويرى أن اختبار القدرات والتحصيلي له فائدة عظيمة للطالب نفسه وللمجتمع، كما أن اختبار القدرات والتحصيلي وازن بين الطلاب خريجي التعليم الحكومي الذين يحصلون على معدلات فعلية غالبا، وطلاب التعليم الخاص الذين تتهيأ لهم فرص الحصول على معدلات كاملة أحيانا. فعندما يوضعون على ميزان القدرات يكون هناك تمحيص وعدل بينهم.
القدرات اجحاف بجهد الطالب
وذكر أ. فيصل المران إن نتيجة الثانوية العامة أو المعدل سابقا هو من كان يحدد مستقبل الطالب في دخول الجامعة من عدمها من خلال الأسئلة المركزية التي كانت توضع سابقا بحيث لا تخرج الأسئلة عن المنهج أو المقرر الدراسي، وما يعيب اختبارات القدرات اليوم اجحاف باجتهاد الطالب الذي أمضى ( 12 ) عاما من الاجتهاد في الحصول على معدل يمكن من خلاله تحديد مستقبله ، ليتفاجأ بنتيجة القدرات واستغرب طرح أسئلة قدرات للطلاب معتمدة على الثقافة العامة البعيدة عن المنهج الدراسي والتخصص.
القدرات والصدق
وأشارت الدكتورة حنان العنقاوي إلى أنه منذ سبع سنوات قامت ببحث عنوانه "الاتجاهات نحو اختبارات القبول" (القدرات والتحصيلي(عقدت فيه المقارنة بين اتجاهات الطالبات في مرحله الثانوية نحو الاختبار قبل دخوله واتجاهات طالبات الجامعة نحو الاختبار بعد اجتيازه وكانت من نتائجه أن طالبات المرحلة الثانوية اللاتي لم يمروا بتجربة اختبار القدرات أكثر ايجابيه نحو الاختبار من الطالبات في المرحلة الجامعية اللاتي اجتازوا الاختبار وكان له أثر كبير في تحديد التخصص الذي لم يتفق مع رغباتهم بسبب عدم تحقيقهم النتيجة المرجوة في اختبار القبول، وبينت أن التعليم الجامعي لدينا واختبار القبول يأخذ شكل اختبار استبعاد الجامعات الحكومية التي تغطي كل منطقه محدودة لكل مدينة بمجموعة مدن وقرى صغيرة حولها أو على امتدادها جامعة واحدة بينما الجامعات والكليات الأهلية معدودة ورسومها باهضه ليست بمقدور ذوي الدخل المتوسط دفعها فكيف بذوي الدخل المحدود ؟ وأضافت متسائلة أين يذهب الطلاب الذين لم يتمكنوا من الدخول للجامعة مشيرة إلى أن من معايير اختبار القبول " الصدق" بحيث يقيس الاختبار ما وضع له وترتبط الاسئلة بالموضوع وختمت حديثها بقولها هل اختبار القبول يقيس ما قام به الطالب فعلا أثناء دراسته المدرسية و بنفس الطريقة التي تم تعليم الطالب بها واعتاد عليها.
ميزانية مرهقة لأولياء الأمور
وذكرت الدكتورة فاطمة الأنصاري إن اختبارات القدرات عبارة عن تعجيز للطلاب وإثبات أن نسبه كبيرة منهم دون المستوى الذي لابد أن يكونوا عليه كما أنه دافع كبير لمعاناة نفسية تنعكس عليهم في كل مرة يخرجون من هذه الامتحانات وهم يضربون أخماس في أسداس إلا قلة قليلة منهم ، وعن الاختبار التحصيلي قالت إنه ينبغي أن يوضح كم المعلومات التي حصل واستفاد منها الطالب في سنواته الأخيرة في التعليم العام وحتى يكون مساعد له في التخصص الجامعي بعد ذلك لكن ما يحدث غير ذلك، مشيرة إلى أن هذه الاختبارات لها ميزانية ترهق أولياء الأمور وخاصة لأب يعمل في وظيفة بسيطة، وتساءلت أين تذهب هذه الأموال التي يتم دفعها لإجراء هذا الاختبار ؟ مؤكدة على أنه لابد من إعادة النظر في هذه الاختبارات على أن يكون هدف وزارة التعليم هو طالب ينتفع بعلمه وينفع البلاد وليس الهدف طالب ينتفع من جيبه ولا يهم هل سيكمل تعليمه بنجاح أو يذهب أدراج الرياح؟.